
والعذاب في جهنم عذاب متنوِّع في مقدمته: الاحتراق بنارها, ونار جهنم حرارتها شديدة جداً جداً, درجة حرارتها عالية بشكل لا يتخيله الإنسان, الإنسان يرى ضعفه وعجزه ورِقَّة جلده ومدى الأذى والضرر الذي تلحق به, تلحقه به نار الدنيا التي هي نعمة وذكرى, ذكرى نتذكر بها جهنم, وجُعلت نعمة للإنسان يستفيد منها في طبخ طعامه, في أشياء كثيرة جداً من أمور حياته, النار التي هي نعمة ودرجة حرارتها لا تساوي شيئاً أمام نار الله التي سَعَّرَهَا من غضبه ومن بأسه وجبروته, هذه النار لو جُهِّز للإنسان فرن صغير ليجلس فيه لدقائق لما استطاع, لو طُلب منك أن تنزل في تَنُّور, أو جُعلتَ في تَنُّور بعد أن تحمى بالنار كيف يكون حالك؟ كيف يكون مدى الخوف والألم والضرر الذي يطالك وربما يقتلك؟ بل لو يُطلب من الإنسان أن يدخل يده لبضع دقائق لتحترق في نار هادئة لكان الأمر كارثياً على نفسه.
أما هناك فنار الله, نار الله الهائلة, عالم كبير جداً كله نار, متوقدة مستعرة ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم:6] ﴿لَـهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ﴾ [الزمر:16] ظُلَلٌ: كُتل هائلة جداً كأمثال السحب الكبيرة، كلها كتل من النيران المشتعلة التي تنصب فوقهم وتنزل عليهم من الأعلى, ﴿وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [الزمر:16] فالنيران المستعرة من بأس الله تأتي من كل مكان, من تحتك, من فوقك, من خلفك, عن يسارك, عن يمينك, من كل جهة, وهكذا يحترق الإنسان ويعاني من عذاب الاحتراق ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العَذَابَ﴾ [النساء:56].
وهناك في داخل جهنم أماكن ضيقة هي أشد حرارة، الحرارة فيها أشد﴿ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً لَا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً﴾[الفرقان:13-14] ينادون بالهلاك، يصرخون بالهلاك من شدة الألم، الألم والعذاب الشديد الذي يعانون منه، ويُعذب الإنسان بتلك النار.
اقراء المزيد